شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
110728 مشاهدة
أسباب قوة الإيمان

...............................................................................


كيف يقوى الإيمان ما أسباب قوة هذا الإيمان؟ إن أسبابه النظر في آيات الله.
فأولا: التفكر في آيات الله تعالى وفي مخلوقاته العلوية والسفلية؛ لا شك أنها دليل واضح على كمال عظمة الله وجلاله وكبريائه، إذا تأملت في مخلوقات الله، وتأملت في آياته الكونية -العلوية والسفلية- تبين لك أن الذي خلقها قادر على كل شيء، بل لو تأمل الإنسان في نفسه لرأى في خلقه أعجب العجب، وعرف أن الله ما خلق جزءا من أجزائه عبثا، وأن كل شعرة أو كل أنملة في موضعها، وأنها من أعجب صنع الله تعالى.
ثانيا: النظر في كلامه سبحانه يعني هذا القرآن تأمله، والتفكر فيه وما فيه من القصص فإنه مما يقوي الإيمان ويرسخه في القلوب؛ لأنه كلام الله تعالى سيما إذا قُرِئَتِ التفاسير التي تمسك أهلها بالتفسير الصحيح وبالمعاني الصحيحة، وتجنب تفاسير المحرفين والمخرفين.
ثالثا: كثرة قراءة العلم النافع المتلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته وعن علماء الأمة وسلفها، فإن قراءة ذلك والتعلم له مما يقوَى به الإيمان، ويرسخ في النفوس، وهذا من الأمور الظاهرة الجلية.
رابعا: كثرة الأعمال الصالحة فإنها مما تقوي الإيمان، إذا أكثر الإنسان من ذكر ربه ومن عبادته ومن دعائه، وأكثر من العبادات البدنية كالصلاة والصيام والصدقات وما أشبهها قوي بذلك إيمانه، وزاد يقينه.
كذلك أيضا من الأسباب أسباب قوة الإيمان البعد عن المحرمات، حماية النفس عن المحرمات صغيرها وكبيرها عن صغائر الذنوب وكبائرها، حفظ النفس وحفظ البدن والجوارح عن أية ذنب مما نهى الله تعالى عنه؛ وذلك لأن ربنا سبحانه ما حرمها إلا لأنها تضعف الإيمان، وتقلل من شأنه، فإن عقيدتنا أن الإيمان ينقص بالمعاصي ويزيد بالحسنات، فإذا عمل الإنسان عملا صالحا قوي إيمانه، وإذا عمل سيئا ضعف إيمانه، فعليك أن تحرص على هذه الأشياء التي يقوى بها إيمانك، ويزداد بها يقينك، ثم تختبر نفسك، فإن لقوة الإيمان علامات ظاهرة وهي: التمسك بالدين، والعض عليه بالنواجذ، والاستمرار عليه في هذه الحياة، والتمسك بالسنة النبوية إلى الممات، متى كان كذلك فإنه ممن كمل إيمانه؛ من ذلك: الإيمان بما أخبر الله تعالى به، فإنه أخبر بملائكته الذين خلقهم لعبادته، فإذا آمن العبد بأن الله خلق الملائكة ومن سمى منهم سمى مالكا خازن النار ، وسمى جبريل و ميكائيل و ميكال في القرآن، فيؤمن العبد بأن الله تعالى خلق الملائكة، وأنهم كما وصفهم الله في قوله تعالى: وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ هناك من الفلاسفة من أنكروا وجود الملائكة، وذلك لأنهم لا يصدقون إلا بالأشياء المحسوسة التي يدركونها بأعينهم، أو يمسونها بأيديهم، فلما لم يمسوها قالوا: ليس هناك من يسمى ملائكة، أو ادعوا أن الملائكة هي الأرواح أرواح نوع الإنسان بعدما تخرج، وكل ذلك تكذيب بما أخبر الله.
أما المؤمن فإنه يجزم بما أخبر الله تعالى به، ويكون ذلك دليلا على قوة إيمانه. والآن نواصل القراءة.